• Home  
  • عبدالعزيز سلامة يكتب: رسالة الأزهر في مولد النبي.. هذه أخلاقه
- كتّاب الانفراد

عبدالعزيز سلامة يكتب: رسالة الأزهر في مولد النبي.. هذه أخلاقه

كنت في تغطية صحفية بمسجد الحسين رضي الله عنه، احتفالا بالمولد النبوي الشريف، وكان من حضور الاحتفال وكيل الأزهر الدكتور محمد ضويني، ورئيس الجامعة الدكتور سلامة داود، ومفتي الجمهورية الدكتور نظير عياد؛ ثلاثتهم، أنهوا احتفالهم بالمولد النبوي في مسجد الحسين قبيل العشاء بدقائق، وأثناء الخروج تزاحم الناس عليهم متكالبين، حتى كادوا أن يخنقوهم من شدة […]

"صلاح الدين الأيوبي وفتح بيت المقدس"

كنت في تغطية صحفية بمسجد الحسين رضي الله عنه، احتفالا بالمولد النبوي الشريف، وكان من حضور الاحتفال وكيل الأزهر الدكتور محمد ضويني، ورئيس الجامعة الدكتور سلامة داود، ومفتي الجمهورية الدكتور نظير عياد؛ ثلاثتهم، أنهوا احتفالهم بالمولد النبوي في مسجد الحسين قبيل العشاء بدقائق، وأثناء الخروج تزاحم الناس عليهم متكالبين، حتى كادوا أن يخنقوهم من شدة الزحام، وفي تلك اللحظات رأيت الدكتور نظير عياد يذب الناسَ عن الدكتور محمد الضويني، وكأنه حارسٌ شخصيٌ له، في ظل قلة رجال الحراسة، محاولًا فتح طريق المرور له.

مثال التواضع الذي لفت نظري، لم يكن في هذا الموقف النبيل من «عيّاد» فحسب، وإنما ما سيأتي بعد ذلك في رحاب الجامع الأزهر، فإنني ما أنهيتُ تغطيتي حتى سارعت لأصلي العشاء في جامعي الحبيب الأزهر المعمور، توضأت ثم دخلت وكانت الصلاة قد أُقيمت، فلحقت بأواخر الصفوف، وما أن أنهيت صلاتي حتى وجدت بعض أفراد أمن المسجد يقفون حولي، فتعجبت من وقوفهم ذلك، فنظرت خلفي فإذا بالعلماء والقيادات الأجلاء ثلاثتهم: «الضويني، وعياد، وداود» مصطفين في الصف الذي خلفي مباشرة يؤدون ما فاتهم من صلاة العشاء، بين المصلين.

المشهد لفت انتباهي لكنه لم يكن غريبا عليّ وأنا ابن الأزهر جامعا وجامعة، ولكنه جسد البساطة والتواضع لعلماء الأزهر وقياداته، التي ظهرت في حرصهم على أداء الصلاة في وقتها، وأن تكون في المسجد الأعظم صاحب الرمزية الخاصة على قلوب جميع الأزهريين، ثم اللافت أنهم دخلوا متأخرين عن بداية الصلاة، فلم يبحثوا عن مكان متقدم، أو يدخولوا إلى إحدى الغرف الخاصة ليؤدوا صلاتهم بمفردهم، بل اصطفوا في الصفوف الأخيرة مع عموم المصلين ليلحقوا بما تبقى لهم من الصلاة في الجماعة.

هذه اللحظة البسيطة تلخص الكثير من معاني التواضع والالتحام بروح الأزهر، المؤسسة التي لم تُبنَ لتكون مجرد منبر علمي وديني فحسب، بل بيتًا يجمع بين العلماء والناس على حد سواء، ففي الوقت الذي قد يسعى فيه آخرون إلى التقدم والظهور، اختار قيادات الأزهر أن يقفوا خلف الصفوف، ليؤكدوا عمليًا أن مكانة الإنسان عند الله لا تقاس بالمنصب أو الشهرة، وإنما بالخشوع والنية الصادقة، في مناسبة نحتاج فيها إلى التذكير بتلك القيمة فعلا، وكأنهم يبعثون برسالة في مولد النبي صلى الله عليه وسلم، أن القدوة الحقيقية هي في الاقتداء بسمات التواضع التي كان عليها المصطفى، لا في المظاهر ولا الألقاب.. فحفظ الله الأزهر رجالا وعلماء وقيادة.

Leave a comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع «الانفراد» لعام 2025