يشهد المجتمع المصري تحوّلًا لافتًا في منظومة التأمينات الاجتماعية، خاصة بعد صدور القانون رقم 148 لسنة 2019، الذي أتاح للمواطنين من غير العاملين في وظائف حكومية أو خاصة، مثل العمالة الموسمية والمستقلة، فرصة الحصول على معاش شهري منتظم.
وتمثل هذه الخطوة نقلة نوعية في اتجاه توسيع مظلة الحماية الاجتماعية لتشمل فئات طالما كانت خارج حسابات الأمن الاقتصادي.
إجراءات مبسطة للحصول على معاش
للانضمام إلى النظام، يكفي أن يتوجه الفرد إلى أقرب مكتب تأمينات اجتماعية، ويقدم نموذج طلب الاشتراك المعروف باسم «نموذج 1»، المخصص للعمال غير المنتظمين أو من يعملون لحسابهم الشخصي.
ويتطلب التسجيل على معاش بعض المستندات الأساسية، منها بطاقة الرقم القومي، شهادة ميلاد مميكنة، بيان بالمهنة من مصلحة الأحوال المدنية، تقرير لياقة طبية، وطلب اشتراك رسمي، وفي حال وجود مدد تأمينية سابقة، يجب تقديم نموذج 3 وبيان بالمعاشات أو فترات الاشتراك السابقة.
فئات أصبحت مؤهلة للاشتراك في معاش
وسّع القانون دائرة المستفيدين بشكل غير مسبوق، ليشمل فئات كانت تُعد سابقًا خارج الإطار الرسمي، مثل خدم المنازل، محفظي القرآن الكريم، عمال الزراعة الموسميين، الباعة الجائلين، سائسي السيارات، ملمعي الأحذية، خدام الكنائس، أصحاب الحرف الصغيرة، وحتى مالكي العقارات أو الأراضي الزراعية محدودة الدخل.
وفي إطار تحديثات المنظومة، أعلنت الهيئة القومية للتأمينات عن رفع الحد الأدنى لأجر الاشتراك التأميني للحصول على معاش إلى 2300 جنيه شهريًا اعتبارًا من يناير 2025، بدلاً من 2000 جنيه حاليًا، كما يُتوقع أن يسهم هذا القرار في تحسين الحد الأدنى لقيمة المعاشات، والتي تبدأ الآن من 1500 جنيه، مع زيادات سنوية منتظمة تُضاف تلقائيًا.
15 سنة اشتراك تضمن معاش دائم
لا يحتاج المواطن غير المنتظم في عمل رسمي إلى تحمل أعباء مالية كبيرة، حيث يدفع 9% فقط من الحد الأدنى لأجر الاشتراك، أي نحو 207 جنيهات شهريًا، ما يعادل حوالي 7 جنيهات يوميًا، والأهم أن الدولة تتكفل بنسبة 12% من قيمة الاشتراك نيابة عن المواطن، في مبادرة قوية تؤكد التزام الحكومة بدعم الفئات الأكثر احتياجًا.
ويضمن القانون الجديد الحصول على معاش ثابت مدى الحياة عند الاشتراك في النظام لمدة لا تقل عن 15 سنة، سواء عند بلوغ سن التقاعد أو في حال حدوث عجز أو وفاة. ويستمر صرف المعاش لذوي المستحقين، ما يُوفّر أمانًا ماليًا طويل الأجل ويُرسّخ مفهوم العيش الكريم بعد سنوات العمل، حتى وإن لم يكن العمل في إطار وظيفي رسمي.
كما يُمثل هذا التحول في التأمينات الاجتماعية جزءًا من استراتيجية الدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوسيع قاعدة المستفيدين من نظم المعاشات.