• Home  
  • أسماء أبو جميل تكتب: كوني أنتِ
- كتّاب الانفراد

أسماء أبو جميل تكتب: كوني أنتِ

في عصر تتسارع فيه وتيرة الحياة، وتتداخل الأدوار بشكل لم يسبق له مثيل، تجد المرأة نفسها أمام تحدٍ جوهري وعميق: أن تكون هي نفسها حقًا، دون تزييف أو تقليد، لقد أصبح النجاح في نظر الكثيرين مرادفًا للقوة الجامدة والصلابة التي قد لا تتوافق مع الطبيعة الأنثوية ونتيجة لذلك، سعت العديد من النساء إلى ارتداء أقنعة […]

أسماء ابو جميل

في عصر تتسارع فيه وتيرة الحياة، وتتداخل الأدوار بشكل لم يسبق له مثيل، تجد المرأة نفسها أمام تحدٍ جوهري وعميق: أن تكون هي نفسها حقًا، دون تزييف أو تقليد، لقد أصبح النجاح في نظر الكثيرين مرادفًا للقوة الجامدة والصلابة التي قد لا تتوافق مع الطبيعة الأنثوية ونتيجة لذلك، سعت العديد من النساء إلى ارتداء أقنعة لا تناسبهن، محاولات تقليد نمط “الرجل” في التفكير والتصرف، اعتقادًا خاطئًا منهن أن هذا هو السبيل الوحيد لإثبات الذات والوصول إلى القمة.

هذا السباق المحموم نحو التماهي مع الآخر ليس فقط مرهقًا نفسيًا، بل هو أيضًا استنزاف للطاقة والوقت الذي يمكن استثماره في بناء الذات وتطويرها بشكل أصيل، لإن محاولة المرأة أن تكون نسخة من الرجل هي محاولة فاشلة في جوهرها، لأن القوة الحقيقية لا تكمن في التقليد، بل في التفرد، لقد خلق الله المرأة بتركيبة فريدة، توازن بين الحكمة والعاطفة، وبين القوة والرقة، وهي صفات إذا ما تم استغلالها بشكل صحيح، يمكن أن تصنع إنجازات استثنائية وتحدث فرقًا حقيقيًا في العالم.

يجب أن تدرك المرأة أن قدرتها على التعاطف، وحسها الإنساني، ورؤيتها الشاملة التي غالبًا ما تتجاوز الجانب المادي، ليست ضعفًا يجب إخفاؤه، بل هي كنز يجب أن يُستثمر فالعالم اليوم، بمؤسساته وشركاته وعلاقاته، في أمس الحاجة إلى هذه اللمسة الأنثوية التي توازن بين الحزم واللين، وبين العقل والقلب.

على سبيل المثال، القائدة التي تستخدم تعاطفها لفهم احتياجات فريقها، لا تكتفي فقط بإصدار الأوامر، بل تبني بيئة عمل داعمة ومحفزة تزيد من الإنتاجية والولاء، الأم التي تربي أجيالاً على القيم والأخلاق، تمتلك قدرة هائلة على إدارة الأزمات وتوجيه الأفراد، وهي مهارات قيادية لا تقل أهمية عن أي مهارة أخرى، إن القوة ليست في الصرامة المطلقة، بل في القدرة على إلهام الآخرين وتحقيق الأهداف بطرق مبتكرة وإنسانية.

إن التوازن بين أدوار المرأة المتعددة ليس عبئًا، بل هو مصدر إلهام. فالمرأة القادرة على إدارة منزلها وأسرتها بنجاح، تمتلك من مهارات التنظيم والتخطيط ما يؤهلها لإدارة أي مشروع بنجاح باهر، هذا التكامل بين أدوارها يمنحها نظرة عميقة وشاملة للحياة، تمكنها من اتخاذ قرارات أكثر حكمة وواقعية.

النجاح ليس له قالب واحد، والمرأة لا تحتاج إلى أن تتخلى عن مشاعرها، أو أن تخفي رقتها وحكمتها لتكون ناجحة، بل على العكس تمامًا، يمكنها أن تستخدم هذه السمات لتكون إضافة نوعية في أي مجال تعمل فيه، فالعالم بحاجة إلى لمسة المرأة التي تجمع بين القوة واللين، وبين الحزم والمرونة.

ختاماً: كوني أنتِ، ولا تخافي من أنوثتكِ، ففي فطرتكِ تكمن قوة لا تُضاهى، وقدرة على تغيير العالم بأسره، فالنجاح الحقيقي هو أن تتركي بصمتكِ الخاصة في هذا العالم، ليس كشخص يحاول أن يكون غيره، بل كشخص يعيش ويكبر ويثبت ذاته من خلال فطرته التي خُلقت من أجلها، ففي داخلكِ تكمن القوة الحقيقية، والتميز الذي لا يضاهيه أي تقليد.

نائب رئيس مجلس إدارة منتدى القيادات النسائية بمجلس الشباب المصري

 

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع «الانفراد» لعام 2025