أثار إعلان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إعفاء منتجات الألبان ومشتقاتها المستوردة من الولايات المتحدة الأمريكية من متطلبات شهادة حلال، جدلًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية والدينية، بين مؤيد للخطوة باعتبارها تسهيلًا للإجراءات ودعمًا لحركة التجارة، ومتحفظ على الأثر الديني المرتبط بضوابط “الحلال”.
وفي هذا السياق، أصدر مجلس الوزراء توضيحًا رسميًا على لسان المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم المجلس، أوضح فيه أن الهدف من القرار ليس التخلي عن متطلبات الحلال، بل تنويع الجهات المعنية بإصدار الشهادات، وتقليل الأعباء المالية على عمليات الاستيراد.
ما هي شهادة حلال؟
شهادة الحلال هي وثيقة رسمية تصدر عن جهة معتمدة تؤكد أن المنتج الغذائي أو الصناعي أو الدوائي يُنتج وفقًا للمعايير الإسلامية، ولا يحتوي على مكونات محرّمة مثل الخنزير أو الكحول.
كما يتم فيه ذبح الحيوانات وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية إذا كانت من أصل حيواني، وتُعد هذه الشهادة شرطًا أساسيًا في معظم الدول الإسلامية ومنها مصر لاستيراد أو تداول المنتجات الحيوانية أو المختلطة بمشتقات حيوانية.
هل توجد ألبان حرام؟
يرى خبراء أن معظم منتجات الألبان المستوردة من الولايات المتحدة تكون بطبيعتها خالية من مكونات محرمة، ولا تعتمد على لحوم أو مشتقات حيوانية غير معروفة المصدر، مما يجعلها أقل احتياجًا للفحص المعقد الذي تخضع له اللحوم أو منتجاتها.
وفي تصريحات تليفزيونية، أكد وزير الزراعة أن منتجات الألبان تُستخرج من حيوانات حية، وبالتالي لا تخضع لمتطلبات الذبح الشرعي، مما يجعل شرط شهادة الحلال غير منطقي في هذه الحالة.
وفي الجهة الأخرى، شدد الدكتور عبدالعزيز النجار، عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، على أهمية بيان مصدر الألبان المستخدمة في المنتجات الغذائية المطروحة بالأسواق، مؤكدًا أن هذا الأمر لا يقتصر فقط على المعايير التنظيمية، بل يتصل مباشرة بأحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بالحلال والحرام.
وقال النجار، في تصريحات صحفية، إن الشفافية في عرض مكونات ومصدر اللبن تُعد مسؤولية شرعية، وليس فقط رقابية أو تجارية، خاصة في ظل استيراد الألبان من دول ذات خلفيات دينية وثقافية منفتحة مثل الولايات المتحدة.
وأكد ضرورة إلزام الجهات المصدرة بالإفصاح الواضح عن أصل اللبن داخل المنتج، لضمان حماية المستهلك المسلم من الغش أو التلاعب.
الميتة لا تؤكل.. ولا يشرب لبنها
وأوضح النجار أن الشريعة الإسلامية تحرّم أكل لحوم الميتة، أي الحيوانات التي تموت دون ذبح شرعي، وبالتالي فإن شرب لبن هذه الحيوانات يُعد محرمًا أيضًا، قائلًا: “ما يحرم أكل لحمه، يحرم كذلك شرب لبنه”.
وأضاف أن هذا الحكم ينطبق على جميع الحيوانات التي ماتت بغير الذبح الشرعي، مثل الأبقار والأغنام والإبل والجاموس، مشددًا على أن اللبن المستخرج من هذه الحيوانات بعد موتها يعتبر غير جائز شرعًا.
كما أشار إلى أن التحريم لا يقتصر فقط على الميتة، بل يشمل كذلك أنواعًا معينة من الحيوانات المحرَّم أكل لحمها من الأصل، مثل الخيل والحمير والخنازير، وبالتالي لا يجوز شرعًا استخدام أو تناول الألبان الناتجة منها أيضًا.
خلفية القرار
أكد رئيس الوزراء، خلال اجتماع سابق، أن هذا الإجراء يهدف إلى تعزيز تدفق السلع الغذائية في السوق المصري، وتخفيف العبء على المواطنين من خلال تقليل تكلفة استيراد هذه السلع، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية.
وأشار إلى أن القرار يأتي في ضوء شكاوى عدة وردت بشأن وجود احتكار أو تضييق في منح شهادات الحلال، ما أدى إلى ارتفاع الرسوم وتأخير دخول المنتجات إلى السوق المحلي.