سؤال راود خاطري مرارًا وتكرارًا منذ أن اندلعت حرب الإبادة الشعواء، في غـ.ـزة الغراء، فعند ذكره تنتبه أذناني، وتتأهب جوارحي؛ لعلي أجد لسؤالي هذا جوابا يشفي غليلي ويريح نفسي، ويذهب بهمي وضيقي، وأقنع أن إجابته هي الإجابة الصحيحة، الخارجة من نفس صادقة، ولكن لا يأتيني ذلك الجواب أبدا.
سؤال ربما راود الملايين قبلي، ويراود الملايين معي وبعدي؛ وهو: كيف لإنسان عادي، مثلي ومثلك، يحمل بين جنبيه قلبا ينبض بالدماء، طلبا للحياة، أن يعيش حياة هانئة، يتلذذ فيها بمتاع الدنيا، في لحظة تقذف فيها البيوت بأطنان المتفجرات والزخائر. وكيف له أن يمنع عنهم هذا الوبال، أم كيف له أن يقدم يدَ مساعدة وعون، لهؤلاء البؤساء الجوعى والثكلى.. الجرحى والمرضى.
إن جاءت الإجابة، ساعدهم بالمال، فأي مال هذا الذي يصل لهم، وقد أغلقت الأبواب وسدت المعابر، وضاق الخناق.. وإن قلت بالدعاء، فأي دعاء هذا الذي يخرج من نفس ناعمة مترفة غير مبالية، لنفس بائسة عارية جائعة، وأنّى يُستجاب لهذا الدعاء ومتى؟، وهل به نكون قد أدينا حقا علينا.
إن قلت لا مفر لك من هذين السبيلين، فأين السبيل لعربي مسلم يشاهد القتل والذبح والتشريد، كل يوم وساعة ولا يملك من أمره شيئا.
وعلى ذلك ما اعترضت على هذين السبيلين، وهاتين الإجابتين، إلا لأنهما لا يشفيان غليلة صدري، ولا يمحوان هموم نفسي، ولكن هذا حالنا، وهذه حيلتنا، فما أمامنا إلا الدعاء، والتسليم لأمر الله فهو أرحم بعباده منّا، ثم المساعدة ما استطعنا، وإصلاح ذوات أنفسنا، فإن بصلاحها صلاح للأمة.
هذه هي الإجابة التي تأتني في نهاية كل حديث، وختام كل كلام، وبنفس الإجابة التي ربما لا تقنع بها نفسي، أنهيت مقالي، فإن كان ثمة من لديه إجابة شافية تزيح الهم وتشفي الغليل وتزيل اللبس فليُنِلني إياها، وليُعلِم الناسَ بها، فإن الخناق قد ضاق والأبواب قد سُدَّت، ولا كاشف لهذه الغمة إلا الله، فـ«ليس لها من دون الله كاشفة».
اقرأ أيضا.. إبراهيم البطل يكتب: الفلسفة العصبية بين المادية الاستبعادية والثنائية الديكارتية