لطالما اشتهرت القطط البرتقالية، أو كما يُطلق عليها “الزنجبيلية”، بشخصياتها الودودة والمليئة بالحيوية، لكن دراسة جديدة كشفت أن تميز هذه القطط لا يتعلق فقط بطباعها، بل بجيناتها الفريدة التي لا تشبه أي حيوان آخر.
القطط البرتقالية تحمل لغزا جينيا فريدا
بحسب الدراسة التي قادها الدكتور كريستوفر كايلين من جامعة ستانفورد، ونُشرت في مجلة Current Biology بتاريخ 15 مايو 2025، فإن الغالبية العظمى من القطط البرتقالية تكون من الذكور، وهي تتميز بطفرة جينية نادرة ومثيرة للاهتمام تحدث على الكروموسوم X، وهو ما يفسر سبب كون أغلبيتها من الذكور.
الذكور يملكون كروموسوم X واحد فقط (XY)، فإذا حمل هذا الكروموسوم الطفرة البرتقالية، يصبح القط بالكامل برتقالي اللون.

أما الإناث، من ناحية أخرى، تملك اثنين من كروموسومات X (XX)، لذا يجب أن ترث الطفرة من كلا الأبوين لتصبح برتقالية بالكامل، وهذا نادر، وبدلاً من ذلك، تظهر معظم القطط الإناث بنقش كاليكو أو سلحفاتي يتضمن خليطًا من البرتقالي والأسود.
الطفرة الغامضة التي حيرت العلماء
لأكثر من عقد، جمع كايلين عينات من الحمض النووي للقطط البرتقالية من خلال حضور عروض القطط، في محاولة لفهم الطفرة المسؤولة، من بين 51 متغيرًا جينيًا على الكروموسوم X، تم استبعاد 48 منها لوجودها في قطط غير برتقالية، وتبقت ثلاثة متغيرات فقط كمرشحين محتملين.
اقرأ أيضا: تريند «لابوبو» يتحول لفوضى.. وشركات التصنيع تسحبها من الأسواق
أكثر المتغيرات إثارة للاهتمام كان حذفًا صغيرًا في الحمض النووي بطول 5,076 زوجًا قاعديًا، وهو حذف لا يقع داخل جين معين – وهو أمر غير معتاد جدًا – بل بين موقعين مرتبطين بجين يسمى Arhgap36، المعروف بتنظيم مسارات هرمونية مهمة في خلايا الثدييات.
كيف تؤثر الطفرة على اللون؟
تُظهر التجارب أن هذا الحذف الصغير يقوم بتنشيط جين Arhgap36 داخل خلايا إنتاج الصبغة، رغم أنه عادة لا ينشط هناك، ويؤدي إلى إيقاف إنتاج الصبغة السوداء، مما يسمح بظهور اللون البرتقالي بدلاً منها.

ويشير العلماء إلى أن هذه الطفرة لم تُرصد في أي نوع حيواني آخر، حتى بين القطط البرية التي نشأت منها القطط المنزلية.
طفرة قديمة ومشتركة بين جميع القطط البرتقالية
بحسب كايلين، من المحتمل أن الطفرة حدثت مرة واحدة فقط خلال فترة تدجين القطط، ثم انتشرت عبر التكاثر الانتقائي، مما يفسر وجودها في جميع القطط البرتقالية المعروفة حول العالم، وهناك رسومات قديمة تعود إلى القرن الثاني عشر تُظهر قططًا بلون الكاليكو، مما يشير إلى قِدم هذه الطفرة.
هل للطفرة علاقة بشخصية القطط البرتقالية؟
رغم أن أصحاب القطط البرتقالية يؤمنون بأن قططهم أكثر حنانًا أو مرحة، يقول كايلين إن الدليل العلمي على العلاقة بين الجينات والسلوك لا يزال غير واضح، إلا أن الاكتشاف الجديد قد يمكّن علماء آخرين من دراسة العلاقة المحتملة بين اللون والشخصية في المستقبل.
أهمية الدراسة علميًا
أشارت الدراسة إلى إمكانيات أوسع لفهم كيفية تأثير الطفرات الجينية خارج مواقع الجينات التقليدية، مما قد يسهم أيضًا في كشف أسباب بعض الحالات الوراثية البشرية غير المفهومة حتى الآن.
كما أضاف الباحث غريغ بارش، أحد المؤلفين المشاركين:
“هدفنا ليس فقط فهم هذه الطفرة، بل أيضًا فهم آليات الطفرات غير التقليدية بشكل عام، فقد تكون هناك أمراض أو خصائص لم نتمكن من ربطها بجينات معينة فقط لأننا لا نفهم حتى الآن كيف تؤثر الطفرات على الجينات المجاورة.”