• Home  
  • إبراهيم البطل يكتب: الفلسفة العصبية بين المادية الاستبعادية والثنائية الديكارتية
- أخبار

إبراهيم البطل يكتب: الفلسفة العصبية بين المادية الاستبعادية والثنائية الديكارتية

إبراهيم البطل يكتب: «إن العقل هو أعدل الأشياء قسمةً بين الناس».. بهذه المقولة افتتح لنا رينيه ديكارت (١٥٩٦-١٦٥٠) أبواب العصر الحديث وجاءت فلسفته معبرة عن مذهب العقل، وركيزة أساسية بَنَت عليها الفلسفات العقلية من بعده، صرحها الممتد من أفلاطون (٤٢٧ق.م-٣٤٧ق.م) إلى جون سيرل (١٩٤٢- ). وجاءت الفلسفة العصبية كفرع من فروع فلسفة العقل و معبرة […]

إبراهيم البطل يكتب: «إن العقل هو أعدل الأشياء قسمةً بين الناس».. بهذه المقولة افتتح لنا رينيه ديكارت (١٥٩٦-١٦٥٠) أبواب العصر الحديث وجاءت فلسفته معبرة عن مذهب العقل، وركيزة أساسية بَنَت عليها الفلسفات العقلية من بعده، صرحها الممتد من أفلاطون (٤٢٧ق.م-٣٤٧ق.م) إلى جون سيرل (١٩٤٢- ).

وجاءت الفلسفة العصبية كفرع من فروع فلسفة العقل و معبرة عن روح العصر الراهن في ثوب جديد يحاول فيه بول تشيرشلاند (١٩٤٢- ) إرساء دعائم المذهب العقلي؛ ليطرح حلولا جديدة لأهم المشكلات والقضايا الفلسفية التي أثقلت كاهل المذهب العقلي لعدة قرون.

المادية الاستبعادية التي وحدت بين المخ والعقل والتي بها استطاع تشيرشلاند أن يسلط سهامه للقضاء على مشاكل فلسفية عتيقة في فلسفة العقل من قبيل مشكلة ثنائية العقل والجسم، مشكلة الوعي، مشكلة القصدية، مشكلة الذكاء الاصطناعي.

فهذا الكتاب الفريد في مجاله المتميز في موضوعه، العميق في طرحه، أبرزت فيه الكاتبة والباحثة الدكتورة أسماء نوير كل إمكاناتها الفلسفية وقدراتها المنطقية لتقدم لنا عرضا شافياً كافياً عن شخصية بول تشيرشلاند، التي يلفها الغموض وعدم المعرفية له داخل أواسطنا العربية الثقافية عموما والفلسفية على وجه الخصوص.

تقدم لنا الدكتورة أسماء نوير عن بول تشيرشلاند كتابها في ٣٤٣ صفحة يتخللها قائمة مصادر ومراجع غنية عن تلك الشخصية في الصفحات من ٣٣١ إلى ٣٤٣ لمن أراد أن يستزيد عن تلك الشخصية أو أن يتمعن هو بنفسه في أفكاره وفلسفته.

يتكون الكتاب أيضا من أربع فصول جاءت على النحو التالي:

– في الفصل الأول عنونت الباحثة بالفلسفة العصبية و أبعادها المعرفية، وحاولت دكتورة أسماء تقديم لمحة عامة عن تشيرشلاند تحت عنوان سيرة موجزة وأهم المؤثرات الفكرية في فلسفته والتي تعد نقطة انطلاق موفقة منها للوقوف علي الأبعاد المؤثرة في فكره واختلافه عنها أيضا في طريقة الطرح والمعالجة.

– جاء الفصل الثاني تحت عنوان مشكلة العقل والجسم من الثنائية إلى المادية الاستبعادية، قدمت فيه تناظر بين ثنائية ديكارت بما تحمله من مفارقات واختلافات.

كما أخذت منحى مغايرا في ذات الفصل، مقدمة لنا التفسير السلوكي والوظيفي لعلاقة العقل بالجسم، ممهدة الطريق لطرح فكرة المادية الاستبعادية كحل اهتدى إليه تشيرشلاند، والذي مزج فيه علم الأعصاب بالفلسفة والعلم الإدراكي، فنتج عن ذلك المزج الفلسفة العصبية.

– ليأتي لنا الفصل الثالث مبوب تحت عنوان “مشكلة الوعي بين التفسير العلمي والتفسير الفلسفي”، واحتوى مشكلة من أعقد مشاكل فلسفة العقل، وهي الوعي بأنواعه وسماته واختلافاته عند الإنسان عن الحيوان.

كما ضمن الفصل الثالث مزج من نوع آخر؛ إذ تم فيه عرض مشكلة القصدية والتي هي متداخلة في وعي الإنسان عن سائر الكائنات.

– الفصل الرابع الذي اختتم بأهم إنجازات العصر الراهن، والذي أعده العلماء انفتاحا جديدا للعلم والثورة التكنولوجية المعاصرة، وقد أتى تحت عنوان “الفلسفة العصبية وعلاقتها بالذكاء الاصطناعي”.

فقدمت لنا فيه دكتورة أسماء نوير أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي من لغات طبيعية، ونزعات اقترانية وتعريف بالشبكات العصبية الاصطناعية، والتي تبهرك كقارئ لهذا الكتاب.

حيث ترى بنفسك دماغ الإنسان و كفاءتها وهي تعمل أمامك في شكل اصطناعي و تري النبضات الإشارية الكهربية وهي تسري داخل ذلك العقل الاصطناعي، والذي يعد محاكاة للعقل البشري، لتقف مستشعرا قدرة الخالق و عظمته سبحانه وتعالى في خلق ذاك الكائن البشري وغيره من سائر الكائنات التي يخفي علينا كثيرها، ولا يعلمها إلا هو.

يقدم تشيرشلاند فلسفته العصبية كفرع من فروع فلسفة العقل لكن لا ينظر للعقل كجوهر منفصل عن جسم الإنسان كما تصور ذلك من قبله أفلاطون وديكارت وأوقعتهم تلك النظرة في مشكلة الثنائية.

بل لقد أسس تشيرشلاند فلسفته العصبية العقلية بنظرة مادية؛ إذ وحد بين العقل والمخ ليقضي على مشكلة الثنائية التي أوقعت بأفلاطون وديكارت من قبله.

حتى مشكلة الوعي والقصدية ربط بينهما وأكد على ضرورة أن يكون الوعي قاصدا شيء، لا أن يسبح في فراغ أو أن ينظر في عدم لأن ذلك محال.

فإذا أظلم العالم و أطفاء السِراجُ نورَه، وأعتم الليل، فسبيلنا للخروج يكمن في ضوء العقل ورحابته؛ لنحتمي به، ويكون سيفنا المسلط على كل مهترئ ومهترأ، لنكون نحن لا نحن.

اقرأ أيضا.. عبدالعزيز سلامة يكتب: هذا سؤالي.. فهل من مجيب؟

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع «الانفراد» لعام 2025