• Home  
  • ذكرى ميلاد ووفاة الشيخ محمد رفعت.. صوت السماء الذي افتتح به بث الإذاعة المصرية
- أخبار - أهم القصص

ذكرى ميلاد ووفاة الشيخ محمد رفعت.. صوت السماء الذي افتتح به بث الإذاعة المصرية

تمر اليوم ذكرى ميلاد ووفاة الشيخ محمد رفعت، أحد أبرز أعلام القرآن المصريين، وأول من قرأ بالإذاعة المصرية في اليوم الأول لتأسيسها، صاحب الصوت الرخيم الهادئ، والنبرة المميزة، والإحساس العميق بآيات القرآن الكريم. الشيخ محمد رفعت لم يكن مجرد قارئ قرآن، بل كان ظاهرة فنية وروحية، فإمكانياته الصوتية جعلت منه مدرسة في التلاوة، وقد وصفه […]

تمر اليوم ذكرى ميلاد ووفاة الشيخ محمد رفعت، أحد أبرز أعلام القرآن المصريين، وأول من قرأ بالإذاعة المصرية في اليوم الأول لتأسيسها، صاحب الصوت الرخيم الهادئ، والنبرة المميزة، والإحساس العميق بآيات القرآن الكريم.

الشيخ محمد رفعت لم يكن مجرد قارئ قرآن، بل كان ظاهرة فنية وروحية، فإمكانياته الصوتية جعلت منه مدرسة في التلاوة، وقد وصفه كثيرون بأنه «صوت من السماء»، و«قيثارة السماء»، و«الصوت الملائكي» ولا يزال الملايين في العالم الإسلامي يعتبرونه قدوة في التجويد والتدبر.

نشأة الشيخ محمد رفعت

وُلد الشيخ محمد رفعت يوم التاسع من شهر مايو عام 1882 بحي المغربلين في السيدة زينب بالقاهرة، وهو أحد الأحياء الأكثر شعبية والمشتهر بإنجاب العديد من العلماء والأعلام في مختلف المجالات.

فقد الشيخ رفعت بصره في سن الثانية بسبب حادث تعرض له، مما دفع والده إلى إلحاقه بكُتّاب بشتاك الملحق بمسجد فاضل باشا، ليتم فيه حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ محمد حميدة، وهو دون العاشرة من عمره.

ثم حفظ مجموعة من الأحاديث النبوية، ودرس علم القراءات والتجويد لمدة عامين على يد الشيخ عبد الفتاح هنيدي، صاحب أعلى سند في وقته، ونال إجازته، ليبدأ في تلاوة القرآن في سن الخامسة عشرة، وذاع صيته في أنحاء مصر.

رحلته مع الإذاعة المصرية

يُعد الشيخ محمد رفعت أحد أبرز قرّاء القرآن الكريم في تاريخ مصر والعالم العربي، وقد ارتبط اسمه بتاريخ الإذاعة المصرية منذ لحظاتها الأولى، إذ كان أول من افتتح بثها الرسمي يوم 31 مايو 1934 بتلاوة عطرة من كتاب الله.

كان الشيخ رفعت رجلاً تقيًا زاهدًا، ولذلك عندما طلبت منه الإذاعة في البداية أن يقرأ القرآن بها رفض العرض، خشية أن تكون تلاوته للقرآن في الإذاعة سببًا في أن يُسمع كلام الله في أماكن لا تليق، كأن يكون أحدهم في الحمام أو غير متأدب عند الاستماع، فاستفتى أحد كبار العلماء في مسجد السيد البدوي بطنطا، والذي طمأنه بأن بث التلاوة عبر الإذاعة لا حرج فيه، بل هو من الدعوة ونشر كتاب الله، فوافق الشيخ على التلاوة ومضى عقده الأول مع الإذاعة.

علاقته غير المباشرة بزكريا باشا مهران

نقلت بعض المصادر الصحفية، أن اسم الشيخ محمد رفعت ارتبط بقوة باسم زكريا باشا مهران، أحد أعيان القوصية بأسيوط، وعضو مجلس الشيوخ في الأربعينات، رغم أن الاثنين لم يلتقيا يومًا، ولكن زكريا باشا كان من عشّاق صوت الشيخ، وامتلك جهازين نادرين لتسجيل الصوت آنذاك، فسجّل بواسطتهما قراءات الشيخ من الإذاعة.

اقرأ أيضا: في ذكرى وفاته.. محطات من حياة الشيخ الطبلاوي مع القرآن

تراث الشيخ رفعت المسموع وحفظه من الضياع

بعد وفاة زكريا باشا، عثرت أرملته على ما سمّته “كراكيب” كانت في الحقيقة تسجيلات نادرة لتلاوات الشيخ رفعت، وقرر أبناؤها تنفيذ وصية والدهم بإهداء هذه الكنوز للإذاعة المصرية، وقد ضمّت هذه التسجيلات حوالي 278 أسطوانة، مدتها نحو 21 ساعة كاملة، تمثّل الجزء الأكبر من التراث الصوتي للشيخ رفعت الذي نعرفه إلى اليوم.

جهود الشيخ أبو العينين شعيشع في ترميم التراث

نظراً لتلف بعض التسجيلات ووقوع آيات وحروف منها، استعانت الإذاعة بالشيخ أبو العينين شعيشع، أحد تلاميذ الشيخ رفعت، لإكمال هذه الأجزاء بصوته في تناغم دقيق، وبالفعل استطاع شعيشع، رغم بدائية الوسائل آنذاك، أن يؤدي المهمة ببراعة استثنائية جعلت المستمع العادي لا يلحظ الفروق بسهولة.

انتهاء رحلة الشيخ مع القرآن

في عام 1943، أصيب الشيخ محمد رفعت بمرض في الحنجرة أدى إلى احتباس صوته أثناء تلاوته لسورة الكهف، مما اضطره للتوقف عن التلاوة، وبمجرد أن سمع جمهور محبيه بهذا حاولوا أن يجمعوا له التبرعات لعلاجه، ولكنه قابل ذلك برفض شديد، وخصص له وزير الأوقاف راتبًا شهريًا بناءً على توصية الشيخ أبو العينين شعيشع.

وبعد نحو 8 سنوات من رحلة الشيخ رفعت القرآنية، توفي في 9 مايو 1950، وهو نفس اليوم الذي ولد فيه، عن عمر يناهز 68 عامًا، ودفن بجوار مسجد السيدة نفيسة.

يُعتبر الشيخ محمد رفعت من أبرز قراء القرآن الكريم في التاريخ الحديث، وقد أسلم على صوته العديد من الأجانب، وتُبث تلاواته يوميًا في السابعة صباحًا عبر إذاعة القرآن الكريم من القاهرة، مما يدل على استمرارية تأثيره في العالمين العربي والإسلامي، بل وفي العالم أجمع.. فرحم الله الشيخ محمد رفعت وجعل القرآن له شفيعا ونورا في قبره.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع «الانفراد» لعام 2025