يتساءل البعض أحيانًا هل سيحاسبنا الله سبحانه وتعالى بنفسه؟ وهل سيحاسبنا جميعًا في وقتٍ واحد، أم سيكون الحساب واحدًا تلو الآخر؟، وكيف يحاسب الله الناس جميعا في وقت واحد.
كيف يحاسب الله الجميع في وقت واحد؟
وقد أجاء الدكتور أبو اليزيد سلامة، من علماء الأزهر الشريف على هذه التساؤلات مؤكدا أن الله سبحانه وتعالى سيحاسب جميع خلقه في آنٍ واحد، دون أن يشغله حساب عبد عن عبد آخر.
وأوضح “أبو اليزيد” أنه قد ورد في الأثر أن كل إنسان يظن يوم القيامة أنه يُحاسب وحده، وذلك لعظمة قدرة الله، وحين سُئل سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كيف يحاسب الله العباد جميعًا في وقت واحد؟، قال: “كما يرزقهم جميعًا في وقت واحد، لا يشغله رزق عبد عن عبد آخر”، فالله تعالى يسمع دعاء كل داعٍ، ويستجيب لكل سائل في وقتٍ واحد، فهو سبحانه ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير.
هل الحساب واحد أم مختلف؟
وعن هذا التساؤل أجاب الدكتور أبو اليزيد سلامة، بأن الحساب يختلف من شخص لآخر حسب الأعمال: فمنه اليسير، وهو الحساب الخفيف الذي يُعرض فيه العمل فقط، ومنه العسير الذي يتضمن المناقشة والتدقيق في الذنوب.
كما أن هناك الحساب السري، وهو ما يكون بين العبد وربه، يُعرّفه الله بذنوبه ثم يغفر له، أما الحساب العلني، فهو ما يُفضح فيه العبد أمام الخلائق، وهو أشد أنواع الحساب.
أنواع الحساب: بالعدل وبالفضل
كما أشار العالم الأزهري، أن هناك أنواعا من الحساب، منها ما يكون بالعدل، ومنها ما يكون بالفضل، فالحساب بالعدل: هذا هالك، لأن العدل المحض لا يترك ذنبًا دون عقاب، أما الحساب بالفضل: وهو ما نرجوه من الله، أن يدخلنا الجنة برحمته.
وقد قال النبي ﷺ: “لن يدخل أحدكم الجنة بعمله”، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: “ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة” (رواه البخاري).
ما الحكمة من الحساب؟
أوضح الدكتور أبو اليزيد أن الحساب له حكم عظيمة، منها إظهار تفاوت مراتب الناس في الجنة حسب أعمالهم، والترغيب في الحسنات، حين يرى الناس من نال الأجر العظيم، بالإضافة إلى التحذير من المعاصي، بفضح أهل الذنوب، وكذلك تكريم الطائعين الذين أفنوا أعمارهم في طاعة الله.
قال تعالى: “فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه، إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه” (سورة الحاقة)
أدلة الحساب من القرآن والسنة
أكد العالم الأزهري أن أدلة الحساب من القرآن الكريم تتمثل في قوله تعالى: “فأما من أوتي كتابه بشماله…”، وقوله أيضا: “وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله”.
ومن السنة النبوية قول النبي ﷺ: “لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يُقتصّ للشاة الجلحاء من الشاة القرناء”، وقال ﷺ: “لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره، فيما أفناه، وعن علمه، ماذا عمل فيه، وعن ماله، من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وعن جسمه، فيم أبلاه”.
وفي الختام أكد الدكتور أبو اليزيد أن الحساب حق ثابت بالقرآن والسنة، وهو ركن من أركان الإيمان باليوم الآخر، داعيا الله أن يُيسر حسابنا، ويجعلنا ممن يُقال لهم: “هاؤم اقرؤوا كتابيه، إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه”، وأن يجعلنا الله من أهل الفضل لا من أهل العدل، ومن أهل الستر لا من أهل الفضيحة.